الأربعاء، 27 فبراير 2013

ما تبقي لكم - غسان كنفانى

"ما تبقى لها. ما تبقى لكُم. ما تبقى لي. حساب البقايا. حساب الموت. حساب الخسارة. ما تبقى لي في العالم كله: ممر من الرمال السوداء, عبّارة بين خسارتين, نفق مسدود من طرفيه. كله مؤجل, كله مؤجل, ثم صفق الباب وخلع نعليه وجلس, كأن البيت بيته, ولو كنت أملك خشبة و شبر أرض لأعدمته, و لكنها لم تقُل شيئاً, وتركتني أمضي دون كلمة نداء واحدة." غسان كنفانى-ما تبقي لكم.

غسان :يلخص قضية كاملة فى كلمات معدودة و بسيطة
(الأبطال الخمسة في هذه الرواية،حامد و مريم و زكريا و الساعة و الصحراء لا يتحركون فى خطوط متوازية أو متعاكسة كما سيبدو للوهلة الأولى و لكن فى خطوط متقاطعة تلتحم أحيانا إلى  حد تبدو و كأنها تكون فى مجموعها خطين فحسب ....)

ما تبقى لكم هي تجربة كنفاني الثانية في كتابة الرواية. تأتي بعد "رجال في الشمس"

أحداث متداخلة بين أخ "حامد" هرب من عار أخته "مريم" ألحقته به بعلاقتها الأثمة ب "زكريا" صديقه -النتن- و حملها سفاحا منه الذى يتزوجها بعد ذلك و يقرر أن يعيش بينهم-مع العلم أنه متزوج و لديه أطفال- إلى أمه التى لا يعرف عنها شىء فى "الأردن".
-فى أحيان كثيرة لا تكون هناك قضية وطن فقط و إنما قضية عرض و شرف.
-يقرر الهروب عن طريق الصحراء (الصحراء التى يهرب فيها حامد من همومه الخاصة يهرب منها الشباب الفلسطينى يوميا من همومه العامة).

الصحراء و الساعة علاقتان متداخلتان -حد الموت- كلما مرت الثوانى كلما زاد احساسها بغلطتها و زاد يقينها أنها خسرت زكريا.
-كلما مرت الدقائق كلما حسبت عدد خطواته فى الصحراء و تخيلت حاله فى الوقت الحالى.
-كلما مرت الساعات تأكدت أنها تزوجت برجل نتن و أن الموت ليس موت القلب و لكنه موت الإنتظار من الواقع المؤلم الذى سيحدث و يكون حد السكين هو الفاصل الزمني الذى يعيد الترتيب للأحداث كلها.

زكريا و الصحراء علاقة اكتشاف هوية و ذات .. علاقة خروج من الوهم و القيود .. حتي عندما يجد المجند في الصحراء و تتجلى له نهايته فإنه لا يفقد أعصابه و إنما يأخذ من ذكرى صديق قديم قتل على يد مجند أخردافعا يستحثه على المضى قدما.
-يترك الكاتب نهاية حامد مفتوحة ليتركك فى حالة تفكير و تعجب مما قد يحدث له.

"مرر شفتيه فوق التراب الدافىء : ليس بمقدوري أن أكرهك , ولكن هل سأحبك..؟ أنت تبتلعين عشرة رجال من أمثالي في ليله واحدة _أنني أختار حبك , أنني مجبر على اختيار حبك , ليس ثمة من تبقى لي غيرك" غسان كنفانى-ما تبقي لكم.

الرواية بسيطة حد التعقيد و قصيرة حد الإطالة و الجدير بالذكر أن غسان الكنفانى يعتذر عن هذه الرواية فيقول انها كتبت للنقاد لا للجمهور العادي.


 ما تبقى لكم- بيروت،1966 - قصة فيلم السكين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق